رواية مكتملة بقلم الكاتبه مني احمد حافظ

موقع أيام نيوز


ما تفرضوا نفسكم على غيركم ويبقى وجودكم غير مرحب بيه.
نزلت كلمات ريتاچ على سمع صافية كالصاعقة فأردفت 
.. أنا مش مصدقة أن بنتي بتفكر بالطريقة الجاحدة دي يا ريتاچ أتقي الله واغزي الشيطان واعرفي إن كل تصرف بتعمليه هيبقى دين فرقبتك هيترد لك لما تبقى أم وعندك أولاد و...
صاحت ريتاچ بحدة تمنعها من إكمال حديثها بقولها

.. يووة يا ماما دين أيه وكلام فاضي أيه عموما أنا اللي عندي قولته فلو سمحت بعد كده أبقي اتصلي قبل ما تيجي وإلا صدقيني هشتكيك لبابا وهو يبقى يتصرف معاك بطريقته.
أتهددها أحقا فعلت ابنتها وأنذرتها أن تشكوها لم تتخيل صافية قط أنها ستوضع بموقف كهذا ولم تدر أنها انهت الاتصال وأكملت سيرها بتيه لو كان ما تعانيه هو محض حلم ستفيق منه لتضحك ساخرة. 
ولم تدر صافية أن ما تمر به لا يمت للحلم بصلة وأن القادم أصعب فبعد مرور بضع ساعات ولج بقلب يخفق بقلق يشعر بأنه ما كان عليه الإنصات إليها وموافقتها على مرافقته إلى هنا لحظات مرت عليه وهو يحجبها بجسده عن عيني تلك التي وقفت عن مقعدها وللمرة الأولى رآها بصورة غير الصورة وجه خطه الزمن ينبض بالإجهاد ويخفي حزن غامض خلف نظراتها حاولت صافية أن تبدو طبيعية أمام زوجها فرسمت ابتسامة واهية على شفتيها سرعان ما تبددت ما أن وقع بصرها على تلك التي ظهرت فجأة أمامها بجواره فبادلت نظراتها بين فهمي وتلك الفتاة التي وقفت تحدق بها بغموض وقد ارتسمت على شفتيها ابتسامة ماكرة لتنهي صافية حيرتها بسؤالها زوجها
.. مين دي يا فهمي
لم يدر فهمي كيف يجيبها وازدادت حيرته لنسيانه ما رتبه عقله من كلمات ووقف يزدرد لعابه تارة ويتهرب من النظر لعينيها تارة أخرى ومن مكانها وقفت حنين تتابع ما يدور لتزفر أنفاسها بضيق وهي تتمسك بساعده وتضم جسدها إليه بعدما أدركت بأنه ينوي التزام الصمت وأردفت وهي ترمقها بسخرية
.. أنا حنين مرات فهمي.
لوهلة أحست صافية أنها لم تسمع جيدا فأشاحت بعينيها عنها وتطلعت بوجه زوجها الذي أشاح بوجهه بدوره بعيدا لتدرك من هروبه أنها سمعت خبر زواجه الثاني حقا فتجلى على ملامحها أثر الانكسار والصدمة وانتفض قلبها البائس بتجويفه وصړخ بلوعة وهو يخبر عقلها بأن الطعڼة تلك المرة هي القاضية التي أجهزت عليه وأنه لم يعد يقوى على تحمل المزيد من تلك الأفعال وتعال نحيبه وهو يلقي باللوم عليه لنصحه الدائم له بالتحمل والصبر تارة من أجل الحفاظ عليه وتارة من أجل أبنائها وبينما هي تعاني صراعها الخفي تابعت حنين ردة فعلها باستخفاف والتفتت نحو فهمي وسألته هامسة
.. هي مراتك مالها واقفة زي الصنم كده ليه
لم يجد فهمي تعقيبا يصف ما تراه عينه لتردف حنين بدلا عنه وعينيها تحدق بملامح صافية بتمعن
.. تلاقي اللي هي فيه من أثر الصدمة عموما كلها شوية وتفوق فمتقلقش.
لم تكد حنين تنهي قولها حتى تردد صدى سؤال صافية الخاڤت
.. ليه يا فهمي
هم فهمي بالرد عليها ولكن حنين ضغطت على ساعده لتمنعه من قول شيء وأجابتها بتهكم
.. وهو الراجل بيتجوز ليه يا مدام بيتجوز علشان يلاقي اللي تدلعه وتنسيه همومه وتلبي له احتياجاته اللي غيرها معرفتش تلبيها ولعلمك فهمي معملش حاجة حرام هو أتجوز على سنة الله ورسوله وأظن إن دا حقه اللي ربنا شرعه ولا أنت ليك رأي تاني وعايزة تحرمي اللي حلله ربنا وتعملي شرع جديد على هواك.
باغتتها بكلماتها التي أظهرت سخريتها منها وأمام نظرات التحدي التي واجهتها حنين بها وقفت صافية تنظر إليهما وتساءلت عن أي احتياجات تتحدث وهي لم تدخر شيئا بوسعها إلا وفعلته وأفنت حياتها بخدمته ونفذت أوامره وأطاعته دون اعتراض أو تذمر بل وتنازلت عن حياتها ومحت شخصيتها لتعيش حياته هو ومن ثم حياة أبنائها حتى ضاعت منها نفسها ولم تعد تعرف من هي لم تقو صافية على تحمل المزيد من نظرات التحدي السافرة التي ترمقها بها حنين ولا تهرب فهمي من مواجهتها بل واكتفت من تلك الحياة الخانعة ولم يعد بإمكانها تحمل المزيد من ظلم فهمي الذي استهلك سنواتها وأبلى عمرها هباء فهي لم تقصر بحقه وإن كان عليه وزوجته الثانية التبجح بالتحدث أمامها عن الحق والشرع فمن حقها هي الأخرى أن يخبرها لما تزوج عليها فاعتدلت بوقفتها ودفعت إحساسها بالانكسار بعيدا عنها وبادلت حنين النظرات لوهلة قبل أن تشيح ببصرها وتحدق بوجه زوجها بعتاب وأردفت 
.. تعرف يا فهمي على الرغم من أني كنت مراهنة نفسي أنك هتغدر بيا وكنت منتظرة اللحظة دي من سنين إلا أني كنت أرجع وأقول لأ فهمي ميعملهاش أصله مش زي الرجالة اللي عينيهم فارغة فهمي راجل وأكيد مش غدار ولا خاېن بس للأسف واضح إن بعد العمر اللي عشته معاك دا كله طلعت مش عرفاك وأنك زيك زي غيرك بتجري
 

تم نسخ الرابط